شفق نيوز/ يعاني قضاء غماس الذي يقع جنوب غرب الديوانية، نحو 200 كم جنوب العاصمة العراقية بغداد، ويسكنه 111 ألف نسمة، من سوء الخدمات وتردي الطاقة الكهربائية ما يدفع ساكنيه إلى الخروج بتظاهرات بين فترة وأخرى، آخرها قبل أيام والتي أسفرت عن إقالة مدير توزيع كهرباء المحافظة، وتسليم مطالبهم لرئاسة الوزراء محددين مهلة شهر واحد لتحقيقها أو العودة لساحة الاعتصام.

وأنهى متظاهرو قضاء غماس اعتصامهم، أمس الأحد، بعد 3 أيام شهدت مناوشات واعتقالات، بدأت الاحتجاجات أمام دائرة الكهرباء في قضاء غماس، ثم أغلق المتظاهرون طريق النجف - الديوانية بالإطارات المشتعلة ليتطور الوضع بعدها بدخول قوات مكافحة الشغب ما خلف العشرات من الجرحى من المتظاهرين واعتقال بحدود 20 متظاهراً.

أبو محمد أحد سكنة غماس، قال إن "القضاء يعاني من سوء الخدمات منها انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، كما لا يوجد مستشفى في القضاء ما نضطر إلى اللجوء إلى محافظة النجف وخاصة عندما تتطلب الحالة إجراء عملية جراحية".

وأشار المواطن خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "قضاء غماس يشهد تظاهرات آخرها كان بسبب الكهرباء وقبلها كانت للفلاحين - الذين يشكلون أكثر من نصف ساكني القضاء - للمطالبة بالتعويضات الزراعية"، داعياً "ممثلي المحافظة في مجلس النواب وأعضاء مجلس المحافظة إلى ضرورة الاهتمام بقضاء غماس وتوفير ما يحتاجه من خدمات وبنى تحتية".

إلى ذلك، طالب متظاهر من أهالي غماس بـ"إقالة قائمقام القضاء وكذلك مديري البلدية والكهرباء - وهو ما حصل لمدير الكهرباء - وأهمية إكمال المشاريع والمجاري وإكمال إنشاء مستشفى غماس العام، فضلاً عن إكساء شوارع القضاء"، داعياً خلال حديثه للوكالة، إلى "عدم انتخاب أي نائب أو عضو مجلس محافظة في الانتخابات المقبلة من الذين لم يتحركوا لتوفير متطلبات القضاء".

وصوت مجلس محافظة الديوانية، أمس الأحد، على إقالة مدير توزيع كهرباء الديوانية رواد ماكون في جلسة طارئة على خلفية تظاهرة غماس، فيما أعلنت وزارة الكهرباء المباشرة بـ20 مشروعاً لفك الاختناقات وتجهيز 50 محولة في قضاء غماس، إضافة إلى تأهيل الشبكة الكهربائية بالكامل وزيادة ساعات التجهيز واستثناء الخط الزراعي من القطع المبرمج.

ويمثل ملف الطاقة الكهربائية، إحدى أبرز المشكلات الخدمية التي يعاني منها العراقيون منذ عام 2003، رغم إنفاق الحكومات المتعاقبة أكثر من 40 مليار دولار على القطاع في السنوات الماضية، بينما تشهد البلاد انقطاعات طويلة في التيار لاسيما خلال فصلي الصيف والشتاء.

 

كهرباء دون النصف

بدوره، أعلن رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة الديوانية، أحمد صكر، موقفه من التظاهرات بالقول: "رفضتُ عمليات قمع المتظاهرين واعتقالهم خاصة وأنها هي كانت تظاهرات سلمية، وتم اعتقال بحدود 20 متظاهراً لكن افرج عنهم لاحقاً، كما هناك عشرات الإصابات بين المتظاهرين وتم نقلهم إلى مستشفيات محافظة النجف لقربها على القضاء".

وأضاف صكر لوكالة شفق نيوز، "طلبتُ بعقد جلسة طارئة للاستجابة لمطالب المتظاهرين، واستجاب مجلس المحافظة لعقد الجلسة الطارئة وتمت مناقشة المشاكل التي خرجت التظاهرات بسببها، لأن الموضوع لا يتعلق بغماس فقط، بل في كل الوحدات الإدارية والمركز تخرج تظاهرات التي تكون أحياناً لسوء الخدمات وأحياناً لتراجع ساعات تجهيز الكهرباء".

وبيّن أن "أحد أسباب خروج المتظاهرين مؤخراً كان تردي الكهرباء، لذلك تم الاتفاق في مجلس المحافظة على عقد جلسات لاحقة في مقبل الأيام لمناقشة باقي القضايا التي يعاني منها أهالي غماس من الخدمات والصحة وغيرها".

كما أكد تخصيص 25 محطة كهربائية لفك الاختناق، لكن لتوفير الطاقة الكهربائية على مدار 24 ساعة فإن محافظة الديوانية تحتاج إلى 1400 ميغاواط، لكن التجهيز كان 650 ميغاواط من أصل 1400 ميغاواط، أي دون النصف، لذلك صعب حتى على مركز السيطرة التغذية كل ساعتين، لذلك بدأ يقصر في الخطوط الزراعية وتم إلزام وزارة الكهرباء بتوفير 5 ساعات كهرباء.

 

أزمة غماس

من جهته، قال قائمقام قضاء غماس، محمد الخزاعي، إن "القضاء يعتبر من أهم الأقضية في محافظة الديوانية، ويأتي في المرتبة الثالثة بعد المركز وقضاء الحمزة من حيث الكثافة السكانية التي تصل إلى 111 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية لمديرية إحصاء الديوانية التابعة لوزارة التخطيط لعام 2024، أما التصنيف الاقتصادي للقضاء فهو زراعي".

وعن سبب المشكلة الأخيرة المتمثلة بالكهرباء، لفت الخزاعي لوكالة شفق نيوز، إلى أن "التظاهرات كانت في الأساس بسبب نقص ساعات تجهيز الكهرباء لمدة 3 أيام متواصلة، فقد وصلت إلى 4 ساعات إطفاء مقابل ساعتين تجهيز، تزامن ذلك مع ارتفاع في درجات الحرارة التي تجاوزت الخمسين مئوية، وبالإضافة إلى قلّة التجهيز، تم الإطفاء من السيطرة الوطنية، لذلك حدث إرباك في الوضع ما أثار نقمة المواطنين وتظاهروا للمطالبة بحقوقهم المشروعة، وبعد ذلك تحسنت الكهرباء بساعتين تجهيز مقابل ساعتين إطفاء".

وتابع الخزاعي: "لكن بعد ذلك قطع المتظاهرون الشارع الرئيسي غماس - النجف الذي يربط المحافظات الوسطى بالجنوبية، وحاولت قوات مكافحة الشغب تفريقهم وإنهاء الاعتصام في هذا الشارع الحيوي الذي عطل حركة المواطنين، لكن تدخل القوات أدى إلى تأزم الوضع واعتقال البعض من المتظاهرين، لكن تمت التهدئة مع قدوم لجنة من رئاسة الوزراء إلى المحافظة".

وأكد أن "مستوى الخدمات الأخرى في قضاء غماس تعتبر جيدة، فلا توجد أزمة في المياه، وهي تغطي حاجة 95 بالمائة من مواطني القضاء، كما هناك مشروع مجاري اتحادي، أما المستشفى فقد تمت المباشرة به أواخر عام 2018 ضمن خطة تنمية الأقاليم، ونسبة الإنجاز فيه تصل إلى 86 بالمائة، لكن تعطل العمل بسبب ظروف كورونا وفي عام 2023 بسبب المستحقات المالية".

وشرح الخزاعي، الوضع الصحي بالقول: "هناك مركزان صحيان نموذجيان في مركز المدينة، وهناك 3 مراكز صحية فرعية موزعة على الريف، كما هناك مركز صحي سيتم الانتهاء منه قريباً، لذلك هناك 6 مراكز صحية 2 نموذجية، والباقي فرعية، كما هناك صالة ولادة في المركز الصحي النموذجي، لكن لا توجد صالة لبقية العمليات، لذلك يذهب المرضى إلى قضاء أبو صخير في محافظة النجف المحاذية فهي تبعد 23 كم عن قضاء غماس في حين يبعد مركز مدينة الديوانية 65 كم عن القضاء، وأقرب مستشفى بالمحافظة في قضاء الشامية يبعد حوالي 30 كم، لذلك النجف أقرب للقضاء".

وعن احتياجات القضاء الأخرى، أوضح أن "الاقتصاد الرئيسي للقضاء هو الزراعة، وحوالي 55 بالمائة من نسبة السكان يمتهن الزراعة (الشلب والمحاصيل الشتوية الحنطة والشعير)، لكن أزمة شحة المياه التي يعاني منها العراق عموماً تسببت بانعدام الزراعة في القضاء منذ 3 سنوات، وفي هذه السنة تم إطلاق نسبة زراعة 37 بالمائة من الخطة البالغة 41 ألف دونم، لكن تجهيز الكهرباء كان غير مناسب وكذلك إطلاقات المياه، وبالتالي لم تفِ الحكومة بالتزاماتها تجاه المزارعين، لذلك حالياً نسبة الزراعة 50 بالمائة وفق الخطة البالغة 41 ألف دونم".

وعن ملف المدارس، ذكر قائمقام قضاء غماس، أن هناك "خطة تنمية الأقاليم وضمن الخطة الاستثمارية لوزارة التربية، تم بناء عامي 2019 و2022 بحدود 8 مدارس في مركز المحافظة والريف أيضاً، وهناك مدرسة واحدة سوف تكتمل هذا العام ضمن القرض الصيني، وتم رفع طلب بالحاجة إلى 14 قطعة للقرض الصيني (الوجبة الثانية)، وبانتظار إطلاقها".

وخلص الخزاعي، إلى القول إن "هناك حاجة لنحو 20 مدرسة متوسطة واعدادية وثانوية موزعة على الريف لفك الاختناق، أما في مركز المدينة فلا تتوفر أراضي وفق ضوابط التربية التي تتطلب مساحة دونمين على الأقل".